أبطال نتذكرهم في عيد القوات المسلحة : البطل الرمز الرائد اسويدات ولد وداد

اسويدات ولد وداد، ولد سنة 1929 في أگجوجت بولاية إنشيري، دخل الخدمة العسكرية بتاريخ 26 سبتمبر 1952 حيث تلقى تكوينه العسكري في مديرية التكوين لدول ما وراء البحار، كما تلقي تكوينا متقدما بمدرسة الوحدات المحمولة جوا بفرنسا، وتدرج من رتبة عريف حتى أصبح رائدا في سنة 1975.
تولى اسويدات مهمة إخماد نار الحرب على الحدود المالية مع المنتبذ القصي، أيام جيش التحرير في بداية الستينيات.
في الأحداث العرقية أوما يعرف بـ “ديگة لكور والبظان” بداية فبراير 1966، التي اندلعت بعد رفض الزنوج للتعريب، أشرف الرائد اسويدات على استعادة الأمن في العاصمة نواكشوط، وكان له الفضل في إرساء هيبة الدولة وفرض الأمن خلال تلك الأحداث الدامية.
تولي اسويدات الإشراف علي تأسيس وحدة المظليين وقوات الصاعقة في البلاد، وكان أول ضابط مظلي موريتاني.
وفي سنة 1971 م تولي قيادة الحرس الوطني، حيث قام بتنظيمه علي أسس عصرية.
وفي سنة 1975 عين واليا مساعدا بالحوض الشرقي.
وعندما بدأت أزمة الصحراء واندلعت الحرب، لبّى سويدات نداء الوطن في 15 ديسمبر 1975 حيث عيّن قائدا لحامية “عين بنتيلي” وحاكما لمركزها الإداري وهناك صمد واستبسل وقاتل حتى أسلم الروح لبارئها.
كان اسويدات يتحلي بمجموعة من الصفات الضرورية لممارسة القيادة:
الشجاعة، قوة العزم والإصرار أثناء تنفيذ المهام المسندة إليه، الاهتمام بالضبط العسكري، روح المبادرة والمخاطرة في سبيل الوصول إلي الغاية المنشودة، والتقيد بالعدالة مع مرؤوسيه.
وكان ذا دين ومروءة رحمه الله، عطوفا علي الفقراء صدوقا في أقواله، منحازا إلى الحق.
قتل في يوم 19 يناير 1976 مقبلا غير مدبر، مرابطا مصابرا علي ساحة الشرف وهو يقوم بواجبه الوطني، حين خاض معركته الأخيرة في “عين بنتيلي” التي تبعد عن “بير ام اگرين” 257 كيلومترا في الشمال الشرقي، وتبعد عن الحدود الجزائرية 80 كيلومترا، وهي على مسافة 30 كيلومترا من “بير لحلو” في الصحراء.
وقد أقام فيها الفرنسيون قلعة حصينة وبها دور قليلة على بعد حوالي 500 متر من القلعة.
وكانت معركتها أكبر دليل على مهارات اسويدات القيادية وجسارته حيث قاد دفاعا بطوليا عن المدينة بحامية صغيرة في وجه هجوم مباغت من قوات البوليزاريو مدعومة بضباط من الاستخبارات الجزائرية بعتاد نوعي، وما تزال هذه المعركة تدرّس حتى اليوم في المدرسة العسكرية في أطار.
يقول عنه الرئيس المختار ولد داداه في مذكراته :
” .. ارتبطت إعادة توحيد الوطن في أذهاننا بالتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الموريتاني ابتداء من ديسمبر 1975.
وقبل أن أتناول هذه الفترة الأساسية والأليمة، أودُّ أن أتقدم بتحية وطنية وتقدير مستحقين ..
ويتعلق الأمر بالرائد اسويدات ولد وداد” لقد حملت الدفعة الأولى من خريجى مدرسة الأسلحة المختلفة في أطار اسمه يوم 22 يونيو 1977، أي بأسبوع فقط قبل الهجوم الخاطف الثاني على عاصمتنا، وهو ضابط مظلات سقط قتيلا في ساحة المعركة يوم 20 يناير 1976 بين رجاله وهو يدافع عن مواقعنا في “عين بنتيلي.. “
ويقول الرئيس محمد خونه ولد هيدالة في مذكراته إن المرحوم اسويدات كان على برج المراقبة لحظة إصابته بقذيفة مدفعية أصابته في الصدر والبطن، ورغم خطورة إصابته فإنه لم يستسلم، وأوصى الضباط الذين معه ومنهم مساعده الملازم محمد فال ولد لمرابط، والملازم أول سيد عالي ولد جدين أن يتشجعوا ويواجهوا أعداءهم بقوة ولا يتركوا لهم فرصة للاستيلاء على الموقع.
يروى أن والدة اسويدات مريم بنت النَّيْدْ (من قبيلة إديشلي) لما علمت بموته، كانت صابرة محتسبة، وسألت عن الطريقة التي قتل بها ابنها فروى لها ضباط أنه قتل بقذيفة مدفع ثقيل، فطلبت أن ترى نوعية القذيفة، فلما أحضروها لها، قلبتها بين يديها وقالت:
” ذَاكْ الْحَگ نَعَرْفَانَ عَنْ وُلِّي مَا يَكَتْلُ تَعْمَارْ لِعْرَبْ إلّ نَعْرَفْ”
اسويدات من الضباط الأفذاذ الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من نور في سفر الخلود.
تغمده الله بواسع رحمته.
كامل الود